للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فكيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ منها؟ " فقلت: إذن آخذ سيفي فأضربَ به من يُخْرِجني. فجعل النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يدَه على منكبي فقال: "غفرانًا أبا ذرٍّ -ثلاثًا- بل تنقادُ معهم حيث قادوك، وتنساقُ معهم حيث ساقوك، ولو عبدٌ أسود".

قال أبو ذرٍّ: فلمّا نُفِيتُ إلى الرِّبَذة أقمتُ الصلاة، فتقدّمَ رجلٌ أسودُ كان فيها على نَعَم الصَّدَقة، فلمّا رآني أخذ ليرجعَ وليُقَدِّمَني. فقلتُ: كما أنت، بل أنقادُ، لأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا كَهْمَس بن الحسن قال: حدّثنا أبو السّليل عن أبي ذرّ قال:

جعل رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتلو عليَّ هذه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. . .} حتى فرغَ من الآية [الطلاق: ٢] ثم قال: "يا أبا ذرٍّ، لو أن النّاسَ كلِّهم أخذوا بها كَفَتْهم" قال: فجعلَ يَتلوها ويردِّدُها عليّ حتى نَعَسْتُ. ثم قال: "يا أبا ذرّ، كيف تَصْنَعُ إذا أُخْرِجْتَ من المدينة؟ " قلت: إلى السَّعَة والدَّعَة، أنطلق فأكون حمامةً من حمام مكّة. قال: "كيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ من مكّة؟ " قال: قلت: إلى السَّعة والدَّعة، إلى الشام والأرض المقدَّسة. قال: "وكيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ من الشّام؟ " قلتُ: إذن -والذي بعثك بالحقّ- أضعُ سيفي على عاتقي. قال: "أوَ خيرٌ من ذلك؟ " قلت: أو خير من ذلك؟ قال: "تسمعُ وتطيعُ وإن كان عبدًا حبشيًّا" (٢).

* طريق لبعضه:

حدّثنا أحمد قالَ: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا زهير عن مطرِّف الحارثي عن أبي


(١) المسند ٥/ ١٤٤، وفيه شهر بن حوشب، كثير الإرسال والأوهام. التقريب ١/ ٢٤٧. وإسماعيل بن عيّاش الحمصي، ثقة في روايته عن الشاميين، مُخَلِّط في غيرهم. وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين، مكّي. ينظر التقريب ١/ ٥٣. وللحديث طريق أخرى ضعيفة في المسند ٥/ ١٥٦، وابن حبّان ١٥/ ٥٣ (٦٦٦٨).
(٢) المسند ٥/ ١٧٨. وأخرج ابن ماجة من طريق كهمس: "إنّي لأعرف آية لو أخذ النّاس كلّهم بها لكَفَتْهم" وذكر الآية. قال في الزوائد: رجاله ثقات، غير أنّه منقطع، وأبو السّليل (ضريب بن نُقير) لم يدرك أبا ذرّ. وصحّح هذا الجزء الحاكم على شرطهما. من طريق كهمس، ووافقه الذهبي ٢/ ٤٩٢. لم ينبّها إلى الانقطاع. وصحّحه بتمامه ابن حبّان ١٥/ ٥٣ (٦٦٦٩). وقال الهيثمي ٥/ ٢٢٦: رجاله رجال الصحيح، إلّا أن أبا السليل لم يدرك أبا ذرّ. وبهذا أعلّه محقّق ابن حبّان، وضعّفه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>