يستحقّ اسم الإيمان إلاَّ من لا خطيئة له ولا ذنب؛ لأنّ الصّدّيق من أكبر أهل الإيمان. وقد علَّمه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يقول " إنّي ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذّنوب إلاَّ أنت ".
وقال الكرمانيّ: هذا الدّعاء من الجوامع؛ لأنّ فيه الاعتراف بغاية التّقصير وطلب غاية الإنعام، فالمغفرة ستر الذّنوب ومحوها، والرّحمة إيصال الخيرات، ففي الأوّل طلب الزّحزحة عن النّار , وفي الثّاني طلب إدخال الجنّة. وهذا هو الفوز العظيم.
وقال ابن أبي حمزة ما ملخّصه: في الحديث مشروعيّة الدّعاء في الصّلاة، وفضل الدّعاء المذكور على غيره، وطلب التّعليم من الأعلى وإن كان الطّالب يعرف ذلك النّوع، وخصّ الدّعاء بالصّلاة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد. (١)
وفيه أنّ المرء ينظر في عبادته إلى الأرفع فيتسبّب في تحصيله. وفي تعليم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر هذا الدّعاء إشارة إلى إيثار أمر الآخرة على أمر الدّنيا، ولعله فهم ذلك من حال أبي بكر وإيثاره أمر الآخرة.
قال: وفي قوله " ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذّنوب إلاَّ أنت " أي: ليس لي حيلة في دفعه فهي حالة افتقار، فأشبه حال المضطرّ الموعود بالإجابة، وفيه هضم النّفس والاعتراف بالتّقصير.
تنبيهٌ: المشهور في الرّوايات " ظلماً كثيراً " بالمثلثة , ووقع هنا للقابسيّ بالموحّدة.
(١) أخرجه مسلم في الصحيح (٤٨٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -