(٢) روى البخاري في الصحيح (٩٥٦) عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الصلاة قبل الخطبة ثم قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان - وهو أمير المدينة - في أضحى أو فطر، فلمَّا أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه، فجبَذَني فارتفع، فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيَّرتم والله، فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة. قال ابن حجر في " الفتح " (٢/ ٥٨٠): وهذا يشعر بأنَّ مروان فعل ذلك باجتهادٍ منه .. وفيه جواز عمل العالم بخلاف الأولى إذا لم يوافقه الحاكم على الأولى , لأنَّ أبا سعيد حضر الخطبة ولم ينصرف، فيستدل به على أنَّ المبادأة بالصلاة فيها ليس بشرط في صحتها. والله أعلم. قال ابن المنير في الحاشية: حمَلَ أبو سعيد فعلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك على التعيين، وحمله مروان على الأولوية، واعتذر عن ترك الأَوْلى بما ذكره من تغير حال الناس، فرأى أنَّ المحافظة على أصل السنة - وهو إسماع الخطبة - أولى من المحافظة على هيئة فيها ليست من شرطها. والله أعلم. انتهى.