وأمّا امتناع مالك من الرّواية عن سعد فليس لأجل هذا الحديث، بل لكونه طعن في نسب مالك، كذا حكاه ابن البرقيّ عن يحيى بن معين، وحكى أبو حاتم عن عليّ بن المدينيّ قال: كان سعد بن إبراهيم لا يحدّث بالمدينة فلذلك لَم يكتب عنه أهلها.
وقال السّاجيّ: أجمع أهل العلم على صدقه. وقد روى مالك عن عبد الله بن إدريس عن شعبة عنه، فصحّ أنّه حجّة باتّفاقهم. قال: ومالك إنّما لَم يرو عنه لمعنىً معروف، فأمّا أن يكون تكلم فيه فلا أحفظ ذلك. انتهى.
وقد اختلف تعليل المالكيّة بكراهة قراءة السّجدة في الصّلاة.
فقيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفرض.
قال القرطبيّ: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث.
وقيل: لخشية التّخليط على المُصلِّين، ومن ثَمَّ فرّق بعضهم بين الجهريّة والسّريّة , لأنّ الجهريّة يؤمن معها التّخليط، لكن صحّ من حديث ابن عمر (١) أنّه - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة فيها سجدة في صلاة الظّهر فسجد بهم فيها، أخرجه أبو داود والحاكم، فبطلت التّفرقة.
ومنهم: من علَّلَ الكراهة بخشية اعتقاد العوامّ أنّها فرض.
قال ابن دقيق العيد: أمّا القول بالكراهة مطلقاً فيأباه الحديث،
(١) قال الشيخ ابن باز رحمه الله (٢/ ٤٨٦): قوله (لكن صحَّ من حديث ابن عمر) في تصحيحه نظرٌ , والصواب أنه ضعيفٌ , لأنَّ في إسناده عند أبي داود رجلاً مجهولاً يُدعى أُميَّة كما نصَّ على ذلك أبو داود في رواية الرملي عنه , ونبّه عليه الشوكاني في نيل الأوطار. والله أعلم