قوله:(وتَكفرنَ) أي: يجحدن إحسانه فالمراد كفر النّعمة.
وظاهر اللفظ غير مراد , وإنّما ورد على سبيل التّغليظ والزّجر لفاعل ذلك، أو المراد بإطلاق الكفر أنّ فاعله فعل فعلاً شبيهاً بفعل أهل الكفر , خلافاً للخوارج الذين يكفّرون بالذّنوب.
ونصُّ القرآن يردّ عليهم , وهو قوله تعالى (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فصيّر ما دون الشّرك تحت إمكان المغفرة , والمراد بالشّرك في هذه الآية الكفر , لأنّ من جحد نبوّة محمّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مثلاً كان كافراً , ولو لَم يجعل مع الله إلهاً آخر , والمغفرة منتفيةٌ عنه بلا خلافٍ , وقد يرِدُ الشّركُ ويراد به ما هو أخصّ من الكفر كما في قوله تعالى (لَم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين)
قوله:(العشير)(١) العشير الزّوج , قيل له: عشيرٌ بمعنى معاشرٍ , مثل أكيلٍ بمعنى مؤاكل. وهو مأخوذ من المعاشرة , وكل معاشر عشير , وعشيرة الرجل بنو أبيه الأدنين.
قال القاضي أبو بكر بن العربيّ: فيه أنّ الطّاعات كما تسمّى إيماناً كذلك المعاصي تسمّى كفراً , لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد الكفر المخرج من الملة.
(١) أخرج البخاري (١٠٥٢) ومسلم (٢١٤٧) من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف. وفيه " ورأيت النار. فلم أر كاليوم منظراً قطُّ، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بِمَ يا رسولَ الله؟ قال: بكفرهن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: بكفر العشير، وبكفر الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدهر، ثم رأتْ منك شيئاً، قالت: ما رأيت منك خيراً قط ".