قال الطّحاويّ: وأمره - صلى الله عليه وسلم - بخروج الحيّض وذوات الخدور إلى العيد , يحتمل أن يكون في أوّل الإسلام , والمسلمون قليلٌ , فأريد التّكثير بحضورهنّ إرهاباً للعدوّ، وأمّا اليوم فلا يحتاج إلى ذلك.
وتعقّب: بأنّ النّسخ لا يثبت بالاحتمال.
قال الكرمانيّ: تاريخ الوقت لا يعرف.
قلت: بل هو معروفٌ بدلالة حديث ابن عبّاسٍ , أنّه شهده وهو صغيرٌ , وكان ذلك بعد فتح مكّة فلم يتمّ مراد الطّحاويّ.
وقد صرّح في حديث أمّ عطيّة بعلّة الحكم , وهو شهودهنّ الخير ودعوة المسلمين ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته، وقد أفتت به أمّ عطيّة بعد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمدّةٍ كما في هذا الحديث , ولَم يثبت عن أحدٍ من الصّحابة مخالفتها في ذلك.
وأمّا قول عائشة: لو رأى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النّساء لمنعهنّ المساجد. (١) فلا يعارض ذلك لندوره , إنْ سلّمنا أنّ فيه دلالةً على أنّها أفتت بخلافه، مع أنّ الدّلالة منه. بأنّ عائشة أفتت بالمنع ليست صريحةً.
وفي قوله " إرهاباً للعدوّ " نظرٌ , لأنّ الاستنصار بالنّساء والتّكثّر بهنّ في الحرب دالٌّ على الضّعف، والأولى أن يخصّ ذلك بمن يؤمن عليها وبها الفتنة , ولا يترتّب على حضورها محذورٌ , ولا تزاحم الرّجال في الطّرق ولا في المجامع.
(١) متفق عليه. وقد تقدّم ذكره في كتاب الحيض. وانظر حديث ابن عمر رقم (٦٥).