ومن ثَمَّ ذهب الكوفيّون وأهل الظّاهر والمزنيّ إلى إيجاب الثّلاث. وقالوا: إن خرج منه شيء بعد ذلك يغسل موضعه ولا يعاد غسل الميّت، وهو مخالف لظاهر الحديث.
وجاء عن الحسن مثله , أخرجه عبد الرّزّاق عن هشام بن حسّان عن ابن سيرين قال: يغسّل ثلاثاً , فإن خرج منه شيء بعد فخمساً، فإن خرج منه شيء غسّل سبعاً , قال هشام: وقال الحسن: يغسّل ثلاثاً، فإن خرج منه شيء غسل ما خرج. ولَم يزد على الثّلاث.
وقد نقل النّوويّ الإجماع على أنّ غسل الميّت فرض كفاية.
وهو ذهول شديد، فإنّ الخلاف مشهور عند المالكيّة. حتّى إنّ القرطبيّ رجّح في شرح مسلم أنّه سنّة، ولكنّ الجمهور على وجوبه.
وقد ردّ ابن العربيّ على من لَم يقل بذلك، وقد توارد به القول والعمل، وغُسّل الطّاهر المطهّر فكيف بمن سواه؟.
قوله:(ثلاثاً أو خمساً) وفي رواية لهما من رواية هشام بن حسّان عن حفصة " اغسلنها وتراً ثلاثاً أو خمساً " و " أو " هنا للتّرتيب لا للتّخيير.
قال النّوويّ: المراد اغسلنها وتراً وليكن ثلاثاً فإن احتجن إلى زيادة فخمساً، وحاصله أنّ الإيتار مطلوب والثّلاث مستحبّة، فإن حصل الإنقاء بها لَم يشرع ما فوقها وإلا زيد وتراً حتّى يحصل الإنقاء، والواجب من ذلك مرّة واحدة عامّة للبدن. انتهى.