ثم بعد ذلك في خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان بنحو من سنة من بيعته وسَّع المسجد , وأدخلت فيه الحجرة للضرورة: فإنَّ الوليد كتب إلى نائبه عمر بن عبد العزيز أن يشتري الحجر من ملاكها ورثة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنهنَّ كنَّ قد توفين كلهنَّ رضي الله عنهنَّ فأمره أن يشتري الحجر ويزيدها في المسجد. فهدمها وأدخلها في المسجد وبقيت حجرة عائشة على حالها , وكانت مغلقة لا يُمكَّن أحدٌ من الدخول إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - لا لصلاة عنده ولا لدعاء ولا غير ذلك. إلى حين كانت عائشة في الحياة , وهي توفيت قبل إدخال الحجرة بأكثر من عشرين أو ثلاثين سنة. فإنها توفيت في خلافة معاوية. ثم ولي ابنه يزيد ثم ابن الزبير في الفتنة ثم عبد الملك بن مروان ثم ابنه الوليد , وكانت ولايته بعد ثمانين من الهجرة. وقد مات عامة الصحابة , قيل إنه لم يبق بالمدينة إلا جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - فإنه آخر من مات بها في سنة ٧٨ قبل إدخال الحجرة بعشر سنين. ففي حياة عائشة - رضي الله عنها - كان الناس يدخلون عليها لسماع الحديث ولاستفتائها وزيارتها من غير أن يكون إذا دخلَ أحدٌ يذهب إلى القبر المكرَّم لا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك - بل ربما طلب بعض الناس منها أن تريه القبور فتريه إياهنَّ , وهي قبور لا لاطئة ولا مشرفةٌ مبطوحة ببطحاء العرصة. انتهى