ثمّ نقض على الحنفيّة. أنّهم لَم يستمرّوا على الأخذ بعمومه في تضمين الرّاكب , متمسّكين بحديث " الرِّجل جبار " مع ضعف راويه كما سيأتي.
وتعقّب بعضهم على الشّافعيّة قولهم: إنّه لو جرت عادة قومٍ إرسال المواشي ليلاً وحبسها نهاراً. انعكس الحكم على الأصحّ.
وأجابوا: بأنّهم اتّبعوا المعنى في ذلك، ونظيره القسم الواجب للمرأة , لو كان يكتسب ليلاً ويأوي إلى أهله نهاراً لانعكس الحكم في حقّه. مع أنّ عماد القسم الليل.
نعم. لو اضطربت العادة في بعض البلاد فكان بعضهم يرسلها ليلاً , وبعضهم يرسلها نهاراً. فالظّاهر أنّه يُقضى بما دلَّ عليه الحديث.
قال ابن بطّال: فرّق الحنفيّة فيما أصابت الدّابّة بيدها أو رجلها , فقالوا: لا يضمن ما أصابت برجلها وذنبها ولو كانت بسببٍ، ويضمن ما أصابت بيدها وفمها، فأشار البخاريّ إلى الرّدّ بما نقله عن أئمّة أهل الكوفة ممّا يخالف ذلك. (١)
(١) ذكر هذا البخاري في صحيحه قبل ذِكْر حديث الباب. فقال: (باب العجماء جبار) وقال ابن سيرين: كانوا لا يُضمِّنون من النفحة , ويُضمِّنون من رد العنان. وقال حماد: لا تُضمن النفحة إلاَّ أن ينخس إنسان الدابة. وقال شريح: لا تَضمن ما عاقبتْ أنْ يضربَها فتضرب برجلها. وقال الحكم وحماد: إذا ساق الْمُكاري حماراً عليه امرأة فتخر، لا شيء عليه. وقال الشعبي: إذا ساق دابةً فأتعبها فهو ضامن لِمَا أصابت، وإن كان خلفها مترسلاً لَم يضمن. انتهى