قوله:(والمعدن جبار) أي: هَدرٌ. وليس المراد أنه لا زكاة فيه , ووقع في رواية الأسود بن العلاء عند مسلم " والمعدن جرحها جبار " والحكم فيه ما تقدّم في البئر , لكنّ البئر مؤنّثة , والمعدن مذكّر , فكأنّه ذكره بالتّأنيث للمؤاخاة أو لملاحظة أرض المعدن.
فلو حفر معدناً في ملكه أو في موات فوقع فيه شخص فمات فدمه هدر، وكذا لو استأجر أجيراً يعمل له فانهار عليه فمات.
ويلتحق بالبئر والمعدن في ذلك كلّ أجير على عمل. كمن استؤجر على صعود نخلة فسقط منها فمات.
قال ابن بطّالٍ: ذهب أبو حنيفة والثّوريّ وغيرهما إلى أنّ المعدن كالرّكاز، واحتجّ لهم بقول العرب: أركز الرّجل إذا أصاب ركازاً، وهي قطعٌ من الذّهب تخرج من المعادن. والحجّة للجمهور. تفرقة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين المعدن والرّكاز بواو العطف , فصحّ أنّه غيره.
قال: وما ألزم به البخاريّ (١) القائل المذكور بقوله " قد يقال لمن وهب له الشّيء أو ربح ربحاً كثيراً أو كثر ثمره: أركزت " حجّةٌ بالغةٌ، لأنّه لا يلزم من الاشتراك في الأسماء الاشتراك في المعنى، إلاَّ إن أوجب ذلك من يجب التّسليم له، وقد أجمعوا على أنّ المال الموهوب لا يجب فيه الخمس، وإن كان يقال له أركز , فكذلك المعدن.
(١) ذكر هذا البخاري في صحيحه " باب في الركاز الخمس " فقال: وقال بعض الناس: المعدن ركاز مثل دفن الجاهلية لأنه يقال أركز المعدن. إذا خرج منه شيء. قيل له: قد يقال لمن وهب له شيء، أو ربح ربحاً كثيراً، أو كثر ثمره أركزت. ثم ناقض , وقال: لا بأس أن يكتمه فلا يؤدّي الخمس.