وفيه التّعاون على العبادة والسّعي في إخلاص المسلم وإعطاء الواحد فوق حاجته الرّاهنة، وإعطاء الكفّارة أهل بيتٍ واحدٍ، وأنّ المضطرّ إلى ما بيده لا يجب عليه أن يعطيه أو بعضه لمضطرٍّ آخر.
واستدل به البخاري بأن قبض الهبة جائز وإن لَم يقل قبلت , ونقل فيه ابن بطّال اتّفاق العلماء، وأنّ القبض في الهبة هو غاية القبول، وغفل رحمه الله عن مذهب الشّافعيّ، فإنّ الشّافعيّة يشترطون القبول في الهبة دون الهديّة، إلاَّ إن كانت الهبة ضمنيّة كما لو قال: أعتق عبدك عنّي. فعتقه عنه فإنّه يدخل في ملكه هبة ويعتق عنه , ولا يشترط القبول.
ومقابل إطلاق ابن بطّال قول الماورديّ: قال الحسن البصريّ: لا يعتبر القبول في الهبة كالعتق، قال: وهو قول شذّ به عن الجماعة , وخالف فيه الكافّة , إلاَّ أن يريد الهديّة فيحتمل. انتهى.
على أنّ في اشتراط القبول في الهديّة وجهاً عند الشّافعيّة. والغرض منه أنّه - صلى الله عليه وسلم - أعطى الرّجل التّمر فقبضه ولَم يقل قبِلت، ثمّ قال له:" اذهب فأطعمه أهلك ".
ولمن اشترط القبول أن يجيب عن هذا بأنّها واقعة عين فلا حجّة فيها، ولَم يصرّح فيها بذكر القبول ولا بنفيه، وقد اعترض الإسماعيليّ بأنّه ليس في الحديث أنّ ذلك كان هبة، بل لعله كان من الصّدقة فيكون قاسماً لا واهباً. انتهى