للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أأصوم في السّفر إلخ) قال ابن دقيق العيد: ليس فيه تصريح بأنّه صوم رمضان فلا يكون فيه حجّة على من منع صيام رمضان في السّفر.

قلت: وهو كما قال بالنّسبة إلى سياق حديث الباب، لكن في رواية أبي مراوح التي ذكرتها عند مسلم , أنّه قال: يا رسولَ الله أجد بي قوّةً على الصّيام في السّفر. فهل عليّ جناحٌ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسنٌ، ومن أحبّ أن يصوم فلا جناح عليه. وهذا يشعر بأنّه سأل عن صيام الفريضة، وذلك أنّ الرّخصة إنّما تطلق في مقابلة ما هو واجب.

وأصرح من ذلك. ما أخرجه أبو داود والحاكم من طريق محمّد بن حمزة بن عمرو عن أبيه أنّه قال: يا رسولَ الله إنّي صاحب ظهرٍ أعالجه. أسافر عليه وأكريه، وأنّه ربّما صادفني هذا الشّهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوّة، وأجدني أن أصوم أهون عليّ من أن أوخّره فيكون ديناً عليّ، فقال: أيّ ذلك شئت يا حمزة (١).

قوله: (وكان كثير الصوم) في رواية لهما " أسرد الصّوم " أي: أتابعه. واستدل به على أن لا كراهية في صيام الدّهر، ولا دلالة فيه لأنّ التّتابع يصدق بدون صوم الدّهر، فإن ثبت النّهي عن صوم الدّهر لَم يعارضه هذا الإذن بالسّرد، بل الجمع بينهما واضحٌ.


(١) سيأتي إن شاء الله في شرح حديث جابر رقم (١٩٢) كلامُ أهل العلم في حكم الصوم في السفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>