وزعم مغلطاي: أنّه أبو إسرائيل. وعزا ذلك لمبهمات الخطيب، ولَم يقل الخطيب ذلك في هذه القصّة. وإنّما أورد حديث مالك عن حميد بن قيس وغيره , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً قائماً في الشّمس. فقالوا: نذر أن لا يستظل , ولا يتكلم , ولا يجلس ويصوم " الحديث.
ثمّ قال: هذا الرّجل هو أبو إسرائيل القرشيّ العامريّ، ثمّ ساق بإسناده إلى أيّوب عن عكرمة عن ابن عبّاس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة فنظر إلى رجلٍ من قريش يقال له أبو إسرائيل , فقالوا: نذر أن يصوم ويقوم في الشّمس. الحديث. فلم يزد الخطيب على هذا.
وبين القصّتين مغايرات ظاهرةٌ , أظهرها أنّه كان في الحضر في المسجد. وصاحب القصّة في حديث جابر كان في السّفر تحت ظلال الشّجر. والله أعلم.
وفي الحديث استحباب التّمسّك بالرّخصة عند الحاجة إليها، وكراهة تركها على وجه التّشديد والتّنطّع.
قوله:(ليس من البرّ الصّيام في السّفر) سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - " ليس من البرّ الصّيام في السّفر " ما ذكره من المشقّة، وأنّ من روى الحديث مجرّداً فقد اختصر القصّة، وبما أشار إليه من اعتبار شدّة المشقّة يجمع بين حديث الباب والذي قبله.
فالحاصل: أنّ الصّوم لمن قوي عليه أفضل من الفطر، والفطر لمن شقّ عليه الصّوم أو أعرض عن قبول الرّخصة أفضل من الصّوم،