يقولون: الكبيرة هي الموجبة للحدّ ولا حدّ على المشي بالنّميمة، إلاَّ أن يقال: الاستمرار هو المستفاد منه جعله كبيرة؛ لأنّ الإصرار على الصّغيرة حكمه حكم الكبيرة. أو أنّ المراد بالكبيرة معنىً غير المعنى الاصطلاحيّ. انتهى.
وما نقله عن الفقهاء ليس هو قول جميعهم؛ لكنّ كلام الرّافعيّ يشعر بترجيحه حيث حكى في تعريف الكبيرة وجهين:
أحدهما: هذا. والثّاني: ما فيه وعيد شديد. قال: وهم إلى الأوّل أميل. والثّاني أوفق لِمَا ذكروه عند تفصيل الكبائر. انتهى.
ولا بدّ من حمل القول الأوّل على أنّ المراد به غير ما نصّ عليه في الأحاديث الصّحيحة؛ وإلاَّ لزم أن لا يعدّ عقوق الوالدين وشهادة الزّور من الكبائر، مع أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عدّهما من أكبر الكبائر. وعرف بهذا الجواب عن اعتراض الكرمانيّ , بأنّ النّميمة قد نصّ في الصّحيح على أنّها كبيرة كما تقدم.
قال الغزاليّ ما ملخّصه: ينبغي لمن حملت إليه نميمة أن لا يصدّق من نمّ له. ولا يظنّ بمن نمّ عنه ما نقل عنه , ولا يبحث عن تحقيق ما ذكر له , وأن ينهاه ويقبّح له فعله , وأن يبغضه إن لَم ينزجر , وأن لا يرضى لنفسه ما نهي النّمّام عنه , فينمّ هو على النّمّام فيصير نمّاماً.
قال النّوويّ: وهذا كلّه إذا لَم يكن في النّقل مصلحة شرعيّة , وإلا فهي مستحبّة أو واجبة، كمن اطّلع من شخص أنّه يريد أن يؤذي شخصاً ظلماً فحذّره منه، وكذا من أخبر الإمام أو من له ولاية بسيرة