وقال آخرون: أفضلهما أيسرهما لقوله تعالى (يريد الله بكم اليسر) فإن كان الفطر أيسر عليه فهو أفضل في حقّه، وإن كان الصّيام أيسر كمن يسهل عليه حينئذٍ ويشقّ عليه قضاؤه بعد ذلك فالصّوم في حقّه أفضل. وهو قول عمر بن عبد العزيز واختاره ابن المنذر.
والذي يترجّح قول الجمهور، ولكن قد يكون الفطر أفضل لمن اشتدّ عليه الصّوم وتضرّر به، وكذلك من ظنّ به الإعراض عن قبول الرّخصة كما تقدّم نظيره في المسح على الحفّين، وسيأتي نظيره في تعجيل الإفطار.
وقد روى أحمد من طريق أبي طعمة قال: قال رجلٌ لابن عمر: إنى أقوى على الصّوم في السّفر، فقال له ابن عمر: مَن لَم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.
وهذا محمولٌ على من رغب عن الرّخصة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من رغب عن سنّتي فليس منّي. وكذلك من خاف على نفسه العجب أو الرّياء إذا صام في السّفر فقد يكون الفطر أفضل له.
وقد أشار إلى ذلك ابن عمر، فروى الطّبريّ من طريق مجاهد قال: إذا سافرت فلا تصم، فإنّك إن تصم قال أصحابك: اكفوا الصّائم، ارفعوا للصّائم، وقاموا بأمرك، وقالوا فلان صائم، فلا تزال كذلك حتّى يذهب أجرك. ومن طريق مجاهدٍ أيضاً عن جنادة بن أُميَّة عن أبي ذرٍّ نحو ذلك.
وسيأتي من طريق مؤرّق عن أنس نحو هذا مرفوعاً حيث قال - صلى الله عليه وسلم -