للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزم شيء ممّا تقدّم ذكره، بل الرّواية الصّحيحة " أبيت " وأكله وشربه في الليل ممّا يؤتى به من الجنّة لا يقطع وصاله خصوصيّةً له بذلك، فكأنّه قال لَمّا قيل له: إنّك تواصل، فقال: إنّي لست في ذلك كهيئتكم " أي: على صفتكم في أنّ من أكل منكم أو شرب انقطع وصاله، بل إنّما يطعمني ربّي ويسقيني، ولا تنقطع بذلك مواصلتي، فطعامي وشرابي على غير طعامكم وشرابكم صورةً ومعنًى.

وقال الزّين بن المنيّر: هو محمولٌ على أنّ أكله وشربه في تلك الحالة كحال النّائم الذي يحصل له الشّبع والرّيّ بالأكل والشّرب ويستمرّ له ذلك حتّى يستيقظ , ولا يبطل بذلك صومه , ولا ينقطع وصاله , ولا ينقص أجره.

وحاصله أنّه يحمل ذلك على حالة استغراقه - صلى الله عليه وسلم - في أحواله الشّريفة حتّى لا يؤثّر فيه حينئذٍ شيء من الأحوال البشريّة.

وقال الجمهور: قوله " يطعمني ويسقيني " مجاز عن لازم الطّعام والشّراب وهو القوّة، فكأنّه قال: يعطيني قوّة الآكل والشّارب، ويفيض عليّ ما يسدّ مسد الطّعام والشّراب ويقوى على أنواع الطّاعة من غير ضعف في القوّة ولا كلالٍ في الإحساس.

أو المعنى إنّ الله يخلق فيه من الشّبع والرّيّ ما يغنيه عن الطّعام والشّراب فلا يحسّ بجوعٍ ولا عطشٍ.

والفرق بينه وبين الأوّل.

أنّه على الأوّل , يعطى القوّة من غير شبعٍ ولا ريٍّ مع الجوع

<<  <  ج: ص:  >  >>