والأوْلَى إجراء الحديث على ظاهره , وحمله على من فوّت حقّاً واجباً بذلك فإنّه يتوجّه إليه الوعيد، ولا يخالف القاعدة التي أشار إليها المزنيّ.
ومن حجّتهم أيضاً: قوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق حديث الباب كما تقدّم في الطّريقين الماضيين " فإنّ الحسنة بعشرة أمثالها، وذلك مثل صيام الدّهر ". وقوله فيما رواه مسلم " من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوّال فكأنّما صام الدّهر ".
قالوا: فدلَّ ذلك على أنّ صوم الدّهر أفضل ممّا شبه به. وأنّه أمر مطلوب.
وتعقّب: بأنّ التّشبيه في الأمر المقدّر لا يقتضي جوازه فضلاً عن استحبابه، وإنّما المراد حصول الثّواب على تقدير مشروعيّة صيام ثلاثمائة وستّين يوماً، ومن المعلوم أنّ المكلف لا يجوز له صيام جميع السّنة فلا يدلّ التّشبيه على أفضليّة المشبّه به من كلّ وجه.
واختلف المجيزون لصوم الدّهر بالشّرط المتقدّم. هل هو أفضل , أو صيام يوم وإفطار يوم أفضل؟.
القول الأول: صرّح جماعةٌ من العلماء: بأنّ صوم الدّهر أفضل , لأنّه أكثر عملاً فيكون أكثر أجراً , وما كان أكثر أجراً كان أكثر ثواباً.
وبذلك جزم الغزاليّ أوّلاً. وقيّده بشرط أن لا يصوم الأيّام المنهيّ عنها، وأن لا يرغب عن السّنة بأنّ يجعل الصّوم حجراً على نفسه، فإذا أمن من ذلك فالصّوم من أفضل الأعمال، فالاستكثار منه زيادة