من مكان اعتكافه لحاجته وأقام زمناً يسيراً زائداً عن الحاجة. ما لَم يستغرق أكثر اليوم.
ولا دلالة فيه , لأنّه لَم يثبت أنّ منزل صفيّة كان بينه وبين المسجد فاصلٌ زائدٌ، وقد حدّ بعضهم اليسير بنصف يوم , وليس في الخبر ما يدلّ عليه.
واستدل بحديث صفيّة لمن منع الحكم بالعلم , أنّه - صلى الله عليه وسلم - كره أن يقع في قلب الأنصاريّين من وسوسة الشّيطان شيء، فمراعاة نفي التّهمة عنه مع عصمته تقتضي مراعاة نفي التّهمة عمّن هو دونه (١)
قوله:(حتّى إذا بلغت باب المسجد عند باب أمّ سلمة) في رواية ابن أبي عتيق " الذي عند مسكن أمّ سلمة " والمراد بهذا بيان المكان الذي لقيه الرّجلان فيه لإتيان مكان بيت صفيّة.
فائدة: قال الطّبريّ: قيل: كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ملَّك كلاً من أزواجه البيت الذي هي فيه , فسكن بعده فيهنّ بذلك التّمليك.
وقيل: إنّما لَم ينازعهنّ في مساكنهنّ , لأنّ ذلك من جملة مئونتهنّ التي كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - استثناها لهنّ ممّا كان بيده أيّام حياته حيث قال: ما تركت بعد نفقة نسائي. قال: وهذا أرجح.
ويؤيّده أنّ ورثتهنّ لَم يرثن عنهنّ منازلهنّ، ولو كانت البيوت ملكاً لهنّ لانتقلت إلى ورثتهنّ، وفي ترك ورثتهنّ حقوقهم منها دلالة على
(١) سيأتي إن شاء الله الكلام على مسألة حكم القاضي بعلمه , في " باب القضاء " في شرح حديث هند بنت عتبة رضي الله عنها رقم (٣٧٤).