للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (ولكن جهاد ونيّة) المعنى أنّ وجوب الهجرة من مكّة انقطع بفتحها إذ صارت دار إسلام، ولكن بقي وجوب الجهاد على حاله عند الاحتياج إليه، وفسّره بقوله: (فإذا استنفرتم فانفروا) أي: إذا دعيتم إلى الغزو فأجيبوا.

قال الطّيبيّ وغيره: هذا الاستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لِمَا قبله، والمعنى أنّ الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة انقطعت إلاَّ أنّ المفارقة بسبب الجهاد باقية، وكذلك المفارقة بسبب نيّة صالحة كالفرار من دار الكفر والخروج في طلب العلم والفرار بالدّين من الفتن والنّيّة في جميع ذلك. انتهى

وتضمّن الحديث بشارة من النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأنّ مكّة تستمرّ دار إسلام.

وللنّاس في الجهاد حالان:

إحداهما: في زمن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والأخرى: بعده.

فأمّا الأولى: فأوّل ما شُرع الجهاد بعد الهجرة النّبويّة إلى المدينة اتّفاقاً. ثمّ بعد أن شرّع هل كان فرض عين أو كفاية؟.

قولان مشهوران للعلماء. وهما في مذهب الشّافعيّ.

وقال الماورديّ: كان عيناً على المهاجرين دون غيرهم، ويؤيّده وجوب الهجرة قبل الفتح في حقّ كلّ من أسلم إلى المدينة لنصر الإسلام.

وقال السّهيليّ: كان عيناً على الأنصار دون غيرهم، ويؤيّده مبايعتهم للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة على أن يئووا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينصروه،

<<  <  ج: ص:  >  >>