للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعبّر عن الإحرام بالحجّ غلطاً.

قلت: لا غلط في ذلك، بل هو من المجاز السّائغ. وأيضاً فالحجّ في الأصل قصد البيت فكأنّه قال خرج قاصداً للبيت، ولهذا يقال للعمرة الحجّ الأصغر.

ثمّ وجدت الحديث من رواية محمّد بن أبي بكر المقدّميّ (١) عن أبي عوانة عن عثمان بن موهب عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه بلفظ " خرج حاجّاً أو معتمراً " أخرجه البيهقيّ، فتبيّن أنّ الشّكّ فيه من أبي عوانة.

وقد جزم يحيى بن أبي كثير (٢) بأنّ ذلك كان في عمرة الحديبية. وهذا هو المعتمد. وقوله " بالحديبية " أصحّ من رواية الواقديّ من وجه آخر عن عبد الله بن أبي قتادة , أنّ ذلك كان في عمرة القضيّة.

قوله: (أحرموا كلّهم , إلاَّ أبا قتادة , فلم يحرم) وللبخاري من رواية علي بن المبارك عن يحيى " انطلقنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولَم أحرم، فأنبئنا بعدو بغَيْقَة، فتوجهنا نحوهم " (٣).


(١) أخرج حديث الباب بلفظه. البخاري (١٧٢٨) عن موسى بن إسماعيل. ومسلم (١١٦٩) عن أبي كامل الجحدري كلاهما عن أبي عوانة به. بلفظ الحج. دون شكٍّ.
(٢) رواية يحيى بن أبي كثير في الصحيحين عنه عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. ولفظه " انطلقنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية ... " زاد مسلم " فأهلُّوا بعمرةٍ غيري.
(٣) وتمامه " فبصر أصحابي بحمار وحش، فجعل بعضهم يضحك إلى بعض، فنظرتُ فرأيته، فحملتُ عليه الفرس فطعنته فأثبته، فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني، فأكلنا منه، ثم لحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخشينا أن نقتطع، أرفع فرسي شأواً وأسير عليه شأواً، فلقيتُ رجلاً من بني غفار في جوف الليل، فقلت: أين تركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: تركته بتعهن، وهو قائل السقيا، فلحقتُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتيته، فقلت: يا رسول الله، إن أصحابك أرسلوا يقرءون عليك السلام ورحمة الله وبركاته، وإنهم قد خشوا أن يقتطعهم العدو دونك فانظرهم، ففعل، فقلت: يا رسول الله. إنَّا اصَّدْنا حمار وحش، وإنَّ عندنا فاضلة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: كلوا. وهم محرمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>