هذه الطّريق الصّحيحة طريق عثمان بن موهب (١) كما أشرت إليها قبل.
قوله:(إلاَّ أبا قتادة) كذا للكشميهنيّ، ولغيره " إلاَّ أبو قتادة " بالرّفع، ووقع بالنّصب عند مسلم وغيره من هذا الوجه.
قال ابن مالك في " التّوضيح ": حقّ المستثنى بإلا من كلام تامّ موجب أن ينصب مفرداً كان أو مكمّلاً معناه بما بعده، فالمفرد نحو قوله تعالى (الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلاَّ المتّقين) والمكمّل نحو (إنّا لمنجّوهم أجمعين إلاَّ امرأته قدّرنا إنّها لمن الغابرين) ولا يعرف أكثر المتأخّرين من البصريّين في هذا النّوع إلاَّ النّصب، وقد أغفلوا وروده مرفوعاً بالابتداء مع ثبوت الخبر ومع حذفه، فمن أمثلة الثّابت الخبر قول أبي قتادة " أحرموا كلّهم إلاَّ أبو قتادة لَم يحرم " فإلَّا بمعنى لكن، وأبو قتادة مبتدأ ولَم يحرم خبره.
ونظيره من كتاب الله تعالى (ولا يلتفت منكم أحدٌ، إلاَّ امرأتك إنّه مصيبها ما أصابهم) فإنّه لا يصحّ أن يجعل امرأتك بدلاً من أحد لأنّها لَم تسِر معهم فيتضمّنها ضمير المخاطبين. وتكلف بعضهم: بأنّه وإن لَم يسِرْ بها لكنّها شعرت بالعذاب فتبعتهم , ثمّ التفتتْ فهلكت.
قال: وهذا على تقدير صحّته لا يوجب دخولها في المخاطبين، ومن أمثلة المحذوف الخبر قوله - صلى الله عليه وسلم -: كلّ أمّتي معافًى إلاَّ المجاهرون " أي:
(١) طريق عبد الله بن موهب عن عبد الله بن أبي قتادة. هي التي اعتمدها المقدسيّ في العمدة.