ووقع في حديث أبي سعيد المذكور أنّ ذلك وقع وهُم بعسفان. وفيه نظرٌ، والصّحيح ما جاء في الصحيحين من طريق صالح بن كيسان عن أبي محمّد مولى أبي قتادة عنه قال: كنّا مع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالقاحة، ومنّا المُحرم وغير مُحرم، فرأيت أصحابي يتراءون شيئاً فنظرت فإذا حمار وحش " الحديث.
والقاحة بقافٍ ومهملة خفيفة بعد الألف، وادٍ على نحو ميل من السّقيا إلى جهة المدينة، ويقال لواديها وادي العباديد. وقد بيّن البخاري أنّها من المدينة على ثلاث أي: ثلاث مراحل.
قال عياض: رواه النّاس بالقاف إلاَّ القابسيّ فضبطوه عنه بالفاء، وهو تصحيف.
قلت: ووقع عند الجوزقيّ من طريق عبد الرّحمن بن بشر عن سفيان عن صالح بن كيسان " بالصّفاح " بدل القاحة، والصّفاح بكسر المهملة بعدها فاء وآخره مهملة. وهو تصحيف , فإنّ الصّفاح موضع بالرّوحاء، وبين الرّوحاء وبين السّقيا مسافة طويلة.
وقد تقدّم أنّ الرّوحاء هو المكان الذي ذهب أبو قتادة وأصحابه منه إلى جهة البحر ثمّ التقوا بالقاحة وبها وقع له الصّيد المذكور، وكأنّه تأخّر هو ورفقته للرّاحة أو غيرها وتقدّمهم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى السّقيا حتّى لحقوه.
وقوله " فنظرت " هذا فيه التفات، فإنّ السّياق الماضي يقتضي أن يقول فنظر لقوله " فبينا أبي مع أصحابه " فالتّقدير: قال أبي: فنظرت