للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتجّوا بحديث ابن عبّاس في الصحيحين قال: احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجّام أجره , وللبخاري " ولو علم كراهية لَم يعطه " , ولمسلم " ولو كان سحتاً لَم يعطه النبي - صلى الله عليه وسلم - ".

وقالوا: هو كسب فيه دناءة وليس بمحرّمٍ، فحملوا الزّجر عنه على التّنزيه.

ومنهم: من ادّعى النّسخ , وأنّه كان حراماً ثمّ أبيح. وجنح إلى ذلك الطّحاويّ، والنّسخ لا يثبت بالاحتمال.

القول الثاني: ذهب أحمد وجماعة إلى الفرق بين الحرّ والعبد. فكرهوا للحرّ الاحتراف بالحجامة، ويحرم عليه الإنفاق على نفسه منها , ويجوز له الإنفاق على الرّقيق والدّوابّ منها وأباحوها للعبد مطلقاً.

وعمدتهم حديث محيّصة , أنّه سأل النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجّام فنهاه، فذكر له الحاجة. فقال: اعلفه نواضحك. أخرجه مالك وأحمد وأصحاب السّنن. ورجاله ثقات.

وذكر ابن الجوزيّ: أنّ أجر الحجّام إنّما كره لأنّه من الأشياء التي تجب للمسلم على المسلم إعانة له عند الاحتياج له، فما كان ينبغي له أن يأخذ على ذلك أجراً.

وجمع ابن العربيّ بين قوله - صلى الله عليه وسلم - " كسب الحجّام خبيث " وبين " إعطائه الحجّام أجرته " بأنّ محل الجواز ما إذا كانت الأجرة على عمل معلوم، ويحمل الزّجر على ما إذا كان على عمل مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>