للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا حملهم الرّخصة على الهبة فبعيدٌ مع تصريح الحديث بالبيع واستثناء العرايا منه، فلو كان المراد الهبة لَمَا استثنيت العريّة من البيع، ولأنّه عبّر بالرّخصة والرّخصة لا تكون إلَّا بعد ممنوع , والمنع إنّما كان في البيع لا الهبة , وبأنّ الرّخصة قيّدت بخمسة أوسق أو ما دونها والهبة لا تتقيّد , لأنّهم لَم يفرّقوا في الرّجوع في الهبة بين ذي رحمٍ وغيره، وبأنّه لو كان الرّجوع جائزاً فليس إعطاؤه بالتّمر بدل الرّطب , بل هو تجديد هبة أخرى فإنّ الرّجوع لا يجوز فلا يصحّ تأويلهم.

تكميل: قال البخاري قبل إيراد حديث الباب " باب الرّجل يكون له ممرٌّ، أو شربٌ في حائطٍ أو في نخلٍ. قال النّبىّ - صلى الله عليه وسلم -: من باع نخلاً بعد أن تؤبّر فثمرتها للبائع " (١) فللبائع الممرّ والسّقي حتّى يرفع , وكذلك ربّ العريّة.

قال ابن المنير: وجه دخول هذه التّرجمة في الفقه: التّنبيه على إمكان اجتماع الحقوق في العين الواحدة، هذا له الملك وهذا له الانتفاع، وهو مأخوذٌ من استحقاق البائع الثّمرة دون الأصل فيكون له حقّ الاستطراق لاقتطافها في أرضٍ مملوكةٍ لغيره، وكذلك صاحب العريّة.

قال: وعندنا خلافٌ فيمن يسقي العريّة، هل هو على الواهب أو الموهوبة له؟ وكذلك سقي الثّمرة المستثناة في البيع قيل على البائع ,


(١) سيأتي شرحه بعد الحديث الآتي إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>