للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووقع في كلام القاضي أبي الطّيّب الطّبريّ من الشّافعيّة , أنّ في بعض طرق هذا الخبر " فلمّا نقدني الثّمن شرطت حملاني إلى المدينة " واستدلَّ بها على أنّ الشّرط تأخّر عن العقد.

لكن لَم أقف على الرّواية المذكورة، وإن ثبتت فيتعيّن تأويلها على أنّ معنى " نقدني الثّمن " أي: قرّره لي واتّفقا على تعيينه، لأنّ الرّوايات الصّحيحة صريحة في أنّ قبضه الثّمن إنّما كان بالمدينة.

وكذلك يتعيّن تأويل رواية الطّحاويّ " أتبيعني جملك هذا إذا قدمنا المدينة بدينارٍ " الحديث، فالمعنى أتبيعني بدينارٍ أُوفيكه إذا قدمنا المدينة.

وقال المُهلَّب (١): ينبغي تأويل ما وقع في بعض الرّوايات من ذكر الشّرط على أنّه شرطُ تفضِّل لا شرط في أصل البيع ليوافق رواية من روى " أفقرناك ظهره " و " أعرتك ظهره " وغير ذلك ممّا تقدّم.

قال: ويؤيّده أنّ القصّة جرت كلّها على وجه التّفضّل والرّفق بجابرٍ، ويؤيّده أيضاً قول جابر " هو لك، قال: لا بل بعنيه " فلم يقبل منه إلَّا بثمنٍ رفقاً به.

وسبق الإسماعيليُّ إلى نحو هذا، وزعم: أنّ النّكتة في ذكر البيع , أنّه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يبرّ جابراً على وجه لا يحصل لغيره طمع في مثله ,


(١) المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الاسدي.
تقدمت ترجمته (١/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>