وظاهرهما التّناقض، لأنّ في إحداهما أنّه تقدّم النّاس إلى المدينة , وفي الأخرى أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قدم قبله.
فيحتمل في الجمع بينهما أن يقال: أنّه لا يلزم من قوله " فتقدّمت النّاس " أن يستمرّ سبقه لهم لاحتمال أن يكونوا لحقوه بعد أن تقدّمهم. إمّا لنزوله لراحةٍ أو نوم أو غير ذلك، ولعله امتثل أمره - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يدخل ليلاً فبات دون المدينة , واستمرّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أن دخلها سحراً , ولَم يدخلها جابر حتّى طلع النّهار، والعلم عند الله تعالى.
قوله:(أتيته بالجمل) في رواية مغيرة " فلمّا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة غدوت إليه بالبعير " , ولأبي المتوكّل عن جابر كما في البخاري " فدخلت - يعني المسجد - إليه وعقلتُ الجمل , فقلت: هذا جملك، فخرج فجعل يطيف بالجمل , ويقول: جملنا، فبعث إليّ أواقٍ من ذهب , ثمّ قال: استوفيت الثّمن؟ قلتُ: نعم ".
قوله:(فنقدني ثمنه، ثم رجعت) في رواية زكريا " ونقدني ثمنه ثمّ انصرفت " وفي رواية مغيرة عند البخاري " فأعطاني ثمنَ الجملِ والجملَ وسهمي مع القوم " وفي روايته أيضاً في الجهاد " فأعطاني ثمنه وردّه عليّ ".
وهي كلّها بطريق المجاز , لأنّ العطيّة إنّما وقعت له بواسطة بلال كما رواه مسلم من هذا الوجه " فلمّا قدمت المدينة , قال لبلالٍ: أعطه أوقيّة من ذهب وزده، قال: فأعطاني أوقيّة وزادني قيراطاً، فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الحديث، وفيه ذكر أخذ أهل الشّام له