للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَم يرد ابن عبّاس بذلك نفي الرّواية المثبتة للنّهي مطلقاً، وإنّما أراد أنّ النّهي الوارد عنه ليس على حقيقته , وإنّما هو على الأولويّة.

وقيل المراد: أنّه لَم ينه عن العقد الصّحيح , وإنّما نهى عن الشّرط الفاسد، لكن قد وقع في رواية التّرمذيّ " أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَم يحرّم المزارعة ". وهي تقوّي ما أوّلته.

ومن لَم يجز إجارتها بجزءٍ ممّا يخرج منها , قال: النّهي عن كرائها محمول على ما إذا اشترط صاحب الأرض ناحية منها , أو شرط ما ينبت على النّهر لصاحب الأرض لِمَا في كلّ ذلك من الغرر والجهالة.

وقال مالك: النّهي محمول على ما إذا وقع كراؤها بالطّعام أو التّمر , لئلا يصير من بيع الطّعام بالطّعام.

قال ابن المنذر: ينبغي أن يحمل ما قاله مالك على ما إذا كان المكرى به من الطّعام جزءاً ممّا يخرج منها، فأمّا إذا اكتراها بطعامٍ معلوم في ذمّة المكتري أو بطعامٍ حاضر يقبضه المالك فلا مانع من الجواز. والله أعلم.

قوله: (سألت رافع بن خديجٍ عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس به .. إلخ). وللبخاري: عن حنظلة بن قيس عن رافع بن خديج، قال: حدثني عمَّايَ، أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ينبت على الأربعاء أو شيء يستثنيه صاحب الأرض. فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقلت لرافع: فكيف هي بالدينار والدرهم؟ فقال رافع: ليس بها بأس بالدينار والدرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>