للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما زاد لأنّه لا يترك ورثة يخشى عليهم الفقر.

وتعقّب: بأنّه ليس تعليلاً محضاً وإنّما فيه تنبيه على الأحظّ الأنفع، ولو كان تعليلاً محضاً لاقتضى جواز الوصيّة بأكثر من الثّلث لمن كانت ورثته أغنياء، ولنفذ ذلك عليهم بغير إجازتهم ولا قائل بذلك، وعلى تقدير أن يكون تعليلاً محضاً فهو للنّقص عن الثّلث لا للزّيادة عليه، فكأنّه لَمَّا شرع الإيصاء بالثّلث وأنّه لا يعترض به على الموصي إلَّا أنّ الانحطاط عنه أولى , ولا سيّما لمن يترك ورثة غير أغنياء، فنبّه سعداً على ذلك.

وفيه سدّ الذّريعة لقوله - صلى الله عليه وسلم - " ولا تردّهم على أعقابهم " لئلا يتذرّع بالمرض أحد لأجل حبّ الوطن. قاله ابن عبد البرّ.

وفيه تقييد مطلق القرآن بالسّنّة , لأنّه قال سبحانه وتعالى: (من بعد وصيّة يوصي بها أو دين) فأطلق، وقيّدت السّنّة الوصيّة بالثّلث، وأنّ من ترك شيئاً لله لا ينبغي له الرّجوع فيه ولا في شيء منه مختاراً.

وفيه التّأسّف على فوت ما يحصل الثّواب، وفيه حديث: من ساءته سيّئة. (١) وأنّ من فاته ذلك بادر إلى جبره بغير ذلك.


(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٦) والنسائي في " الكبرى " (٨/ ٢٨٤) وابن ماجه (٢٣٦٣) وأبو يعلى (١٤٣ , ١٤٢) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (٤/ ١٥٠) وغيرهم من طريق عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: خطب عمر الناس بالجابية، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام في مثل مقامي هذا، فقال: أحسنوا إلى أصحابي ... فذكر الحديث. وفيه: ومن سرَّته حسنته وساءته سيئته، فهو مؤمن "
ورواه الترمذي (٢١٦٥) والنسائي في " الكبرى " (٧/ ١٤٦) والحاكم في " المستدرك " (١/ ١٩٧) وأحمد (١١٤) وغيرهم من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر - رضي الله عنه -. نحوه. وصحَّحه الحاكم. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه.
وللحديث طرق أخرى. انظر علل الدارقطني (٢/ ١١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>