فوجب تأويل الباءة على المؤن. وانفصل القائلون بالأوّل عن ذلك بالتّقدير المذكور. انتهى.
والتّعليل المذكور للمازريّ.
وأجاب عنه عياض: بأنّه لا يبعد أن تختلف الاستطاعتان، فيكون المراد بقوله " من استطاع الباءة " أي: بلغ الجماع وقدر عليه فليتزوّج. ويكون قوله " ومن لَم يستطع " أي: من لَم يقدر على التّزويج.
قلت: وتهيّأ له هذا لحذف المفعول في المنفيّ، فيحتمل أن يكون المراد ومن لَم يستطع الباءة أو من لَم يستطع التّزويج.
وقد وقع كلّ منهما صريحاً، فعند التّرمذيّ في رواية عبد الرّحمن بن يزيد من طريق الثّوريّ عن الأعمش " ومن لَم يستطع منكم الباءة " وعند الإسماعيليّ من طريق أبي عوانة عن الأعمش " من استطاع منكم أن يتزوّج فليتزوّج ".
ويؤيّده ما وقع في روايةٍ للنّسائيّ من طريق أبي معشر عن إبراهيم النّخعيّ عن علقمة " من كان ذا طولٍ فلينكح " ومثله لابن ماجه من حديث عائشة، وللبزّار من حديث أنس.
وأمّا تعليل المازريّ , فيعكّر عليه قوله في الرّواية الأخرى عند البخاري بلفظ " كنّا مع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - شباباً لا نجد شيئاً " فإنّه يدلّ على أنّ المراد بالباءة الجماع، ولا مانع من الحمل على المعنى الأعمّ بأن يراد بالباءة القدرة على الوطء ومؤن التّزويج.
والجواب عمّا استشكله المازريّ: أنّه يجوز أن يرشد من لا يستطيع