قوله:(التّبتّل) المراد به هنا الانقطاع عن النّكاح وما يتّبعه من الملاذ إلى العبادة. وأمّا المأمور به في قوله تعالى (وتبتّل إليه تبتيلاً) فقد فسّره مجاهد فقال: أخلص له إخلاصاً، وهو تفسير معنىً، وإلا فأصل التّبتّل الانقطاع، والمعنى انقطع إليه انقطاعاً. لكن لَمَّا كانت حقيقة الانقطاع إلى الله إنّما تقع بإخلاص العبادة له فسّرها بذلك.
ومنه " صدقة بتلة " أي: منقطعة عن الملك، ومريم البتول لانقطاعها عن التّزويج إلى العبادة , وقيل لفاطمة البتول , إمّا لانقطاعها عن الأزواج غير عليّ , أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشّرف.
قوله:(ولو أذن له لاختصينا) الخصاء هو الشّقّ على الأنثيين وانتزاعهما، وإنّما قال البخاري باب " ما يكره من التّبتّل والخصاء " للإشارة إلى أنّ الذي يكره من التّبتّل هو الذي يفضي إلى التّنطّع وتحريم ما أحل الله , وليس التّبتّل من أصله مكروهاً، وعطف الخصاء عليه , لأنّ بعضه يجوز في الحيوان المأكول.
ولمسلم من طريق عقيل عن ابن شهاب بلفظ " أراد عثمان بن مظعون أن يتبتّل، فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فعرف أنّ معنى قوله " ردّ على عثمان " أي: لَم يأذن له بل نهاه. وهو نهي تحريمٍ بلا خلاف في بني آدم.
وأخرج الطّبرانيّ من حديث عثمان بن مظعون نفسه , أنّه قال: يا