بالجواز يبطل الشّغار ويوجب مهر المثل مشكلٌ، ويمكن أن يقال إنّه أخذه ممّا نقل أنّ العرب كانت تأنف من التّلفّظ بالنّكاح من جانب المرأة فرجعوا إلى التّلفّظ بالشّغار لوجود المساواة التي تدفع الأنفة، فمحا الشّرع رسم الجاهليّة فحرّم الشّغار وشدّد فيه ما لَم يشدّد في النّكاح الخالي عن ذكر الصّداق، فلو صحّحنا النّكاح بلفظ الشّغار وأوجبنا مهر المثل أبقينا غرض الجاهليّة بهذه الحيلة. انتهى.
وفيه نظرٌ. لأنّ الذي نقله عن العرب لا أصل له، لأنّ الشّغار في العرب بالنّسبة إلى غيره قليل، وقضيّة ما ذكره أن تكون أنكحتهم كلّها كانت شغاراً لوجود الأنفة في جميعهم.
والذي يظهر لي. أنّ الحيلة في الشّغار تتصوّر في موسر أراد تزويج بنت فقير فامتنع أو اشتطّ في المهر فخدعه بأن قال له: زوّجنيها وأنا أزوّجك بنتي فرغب الفقير في ذلك لسهولة ذلك عليه. فلمّا وقع العقد على ذلك وقيل له إنّ العقد يصحّ ويلزم لكلٍّ منهما مهر المثل , فإنّه يندم إذ لا قدرة له على مهر المثل لبنت الموسر وحصل للموسر مقصوده بالتّزويج لسهولة مهر المثل عليه، فإذا أبطل الشّغار من أصله بطلت هذه الحيلة.