للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلله درّ البخاريّ ما أكثر استحضاره وأحسن تصرّفه في الحديث والفقه.

قوله: (ليس لك عليه نفقةٌ , وفي لفظ: ولا سكنى).

اختلف السّلف في نفقة المطلقة البائن وسكناها.

القول الأول: قال الجمهور: لا نفقة لها. ولها السّكنى.

واحتجّوا لإثبات السّكنى: بقوله تعالى (أسكنوهنّ من حيث سكنتم من وجدكم) ولإسقاط النّفقة بمفهوم قوله تعالى (وإن كنّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهنّ) فإنّ مفهومه أنّ غير الحامل لا نفقة لها وإلا لَم يكن لتخصيصها بالذّكر معنىً، والسّياق يفهم أنّها في غير الرّجعيّة، لأنّ نفقة الرّجعيّة واجبة لو لَم تكن حاملاً.

القول الثاني: ذهب أحمد وإسحاق وأبو ثور. إلى أنّه لا نفقة لها ولا سكنى على ظاهر حديث فاطمة بنت قيس، ونازعوا في تناول الآية الأولى المطلقة البائن.

وقد احتجّت فاطمة بنت قيس صاحبة القصّة على مروان حين بلغها إنكاره بقولها: بيني وبينكم كتاب الله، قال الله تعالى (لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ - إلى قوله - يحدث بعد ذلك أمراً) قالت: هذا لمن كانت له مراجعة، فأيّ أمر يحدث بعد الثّلاث؟ وإذا لَم يكن لها نفقة وليست حاملاً. فعلامَ يحبسونها؟ (١)


(١) قصّة مراجعة فاطمة رضي الله عنها مع مروان في صحيح مسلم (٢٤١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>