للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثّانية من العموم , لكن قصروه على من مضت عليها المدّة ولَم تضع , فكان تخصيص بعض العموم أولى وأقرب إلى العمل بمقتضى الآيتين من إلغاء أحدهما في حقّ بعض من شمله العموم.

وقد أخرج الطّبريّ وابن أبي حاتم بطرقٍ متعدّدة إلى أبيّ بن كعب , أنّه قال للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ) المطلقة ثلاثاً أو المتوفّى عنها زوجها؟ قال: هي للمطلقة ثلاثاً أو المتوفّى عنها.

وهذا المرفوع - وإن كان لا يخلو شيء من أسانيده عن مقال - لكن كثرة طرقه تشعر بأنّ له أصلاً، ويعضده قصّة سبيعة المذكورة.

قال القرطبيّ (١): هذا نظرٌ حسنٌ , فإن الجمع أولى من التّرجيح باتّفاق أهل الأصول , لكنّ حديث سبيعة نصّ بأنّها تحل بوضع الحمل , فكان فيه بيانٌ للمراد بقوله تعالى (يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشرا) أنّه في حقّ من لَم تضع , وإلى ذلك أشار ابن مسعودٍ بقوله: إنّ آية الطّلاق نزلت بعد آية البقرة.

وفهم بعضهم منه. أنّه يرى نسخ الأولى بالأخيرة , وليس ذلك مراده , وإنّما يعني أنّها مخصّصةٌ لها فإنّها أخرجت منها بعض متناولاتها.

وقال ابن عبد البرّ: لولا حديث سبيعة لكان القول ما قال عليّ وابن عبّاس , لأنّهما عدتان مجتمعان بصفتين , وقد اجتمعتا في الحامل


(١) هو صاحب المفهم أحمد بن عمر , سبق ترجمته (١/ ٢٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>