الأوّلين الملازمين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حين إسلامه إلى حين فتح مكّة نحو العشرين سنّة، حتّى ولو قلنا: إنّ الشّرع لَم يرد بذلك إلَّا في زمن الفتح , فبلوغه لعبد قبل سعد بعيدٌ أيضاً.
والذي يظهر لي أنّ شرعيّة ذلك إنّما عرفت من قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصّة " الولد للفراش " وإلَّا فما كان سعد لو سبق علمه بذلك ليدّعيه، بل الذي يظهر أنّ كلاً من سعد وعتبة بنى على البراءة الأصليّة، وأنّ مثل هذا الولد يقبل النّزاع.
وقد أخرج أبو داود تلو حديث الباب بسندٍ حسن إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: قام رجل فقال: يا رسولَ الله , إنّ فلاناً ابني عاهرت بأمّه في الجاهليّة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا دِعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهليّة، الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وقد وقع في بعض طرقه أنّ ذلك وقع في زمن الفتح، وهو يؤيّد ما قلته.
واستدل بهذه القصّة على أنّ الاستلحاق لا يختصّ بالأب , بل للأخ أن يستلحق وهو قول الشّافعيّة وجماعة , بشرط أن يكون الأخ حائزاً أو يوافقه باقي الورثة , وإمكان كونه من المذكور , وأن يوافق على ذلك إن كان بالغاً عاقلاً، وأن لا يكون معروف الأب.
وتعقّب: بأنّ زمعة كان له ورثة غير عبد.
وأجيب: بأنّه لَم يخلف وارثاً غيره إلَّا سودة، فإن كان زمعة مات كافراً فلم يرثه إلَّا عبد وحده، وعلى تقدير أن يكون أسلم وورثته