وفيه ردٌّ على من زعم: أنّ ابن أبي مُلَيكة لَم يسمع من عقبة بن الحارث، وقد حكاه ابن عبد البرّ , ولعل قائل ذلك أخذه من رواية البخاري في النّكاح من طريق ابن عليّة عن أيّوب عن ابن أبي مُلَيكة عن عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحارث , قال ابن أبي مُلَيكة: وقد سمعته من عقبة , ولكنّي لحديث عبيدٍ أحفظ.
وأخرجه أبو داود من طريق حمّاد عن أيّوب، ولفظه: عن ابن أبي مُلَيكة عن عقبة بن الحارث قال: وحدّثنيه صاحبٌ لي عنه , وأنا لحديث صاحبي أحفظ. ولَم يسمّه.
وفيه إشارةٌ إلى التّفرقة في صيغ الأداء بين الإفراد والجمع , أو بين القصد إلى التّحديث وعدمه , فيقول الرّاوي فيما سمعه وحده من لفظ الشّيخ، أو قصد الشّيخ تحديثه بذلك: حدّثني. بالإفراد.
وفيما عدا ذلك: حدّثنا. بالجمع أو: سمعت فلاناً يقول.
ووقع عند الدّارقطنيّ من هذا الوجه: حدّثني عقبة بن الحارث. ثمّ قال: لَم يحدّثني , ولكنّي سمعته يحدّث.
وهذا يعيّن أحد الاحتمالين.
وقد اعتمد ذلك النّسائيّ فيما يرويه عن الحارث بن مسكينٍ فيقول " الحارث بن مسكينٍ قراءةً عليه وأنا أسمع " ولا يقول حدّثني , ولا أخبرني؛ لأنّه لَم يقصده بالتّحديث , وإنّما كان يسمعه من غير أن يشعر به.