للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمسّك بعمومه مَن قال: يقتل المسلم بالذّمّيّ. وقد سبق ما فيه (١).

ذهب الجمهور: على أنّ المخيّر في القود أو أخذ الدّية هو الوليّ.

وقرّره الخطّابيّ بأنّ العفو في الآية (فمن عُفي له من أخيه شيءٌ فاتّباعٌ بالمعروف وأداءٌ إليه بإحسانٍ) يحتاج إلى بيان، لأنّ ظاهر القصاص أنْ لا تبعة لأحدهما على الآخر، لكنّ المعنى أنّ من عفي عنه من القصاص إلى الدّية فعلى مستحقّ الدّية الاتّباع بالمعروف وهو المطالبة , وعلى القاتل الأداء وهو دفع الدّية بإحسانٍ.

وذهب مالك والثّوريّ وأبو حنيفة: إلى أنّ الخيار في القصاص أو الدّية للقاتل.

قال الطّحاويّ: والحجّة لهم حديث أنس في قصّة الرّبيّع عمّته , فقال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: كتاب الله القصاص. فإنّه حكم بالقصاص ولَم يخيّر، ولو كان الخيار للوليّ لأعلمهم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , إذ لا يجوز للحاكم أن يتحكّم لمن ثبت له أحد شيئين بأحدهما من قبل أن يعلمه بأنّ الحقّ له في أحدهما، فلمّا حكم بالقصاص وجب أن يحمل عليه قوله " فهو بخير النّظرين " أي: وليّ المقتول مخيّرٌ بشرط أن يرضى الجاني أن يغرم الدّية.

وتعقّب: بأنّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: كتاب الله القصاص. إنّما وقع عند طلب أولياء المجنيّ عليه في العمد القود , فأعلم أنّ كتاب الله نزل على أنّ


(١) انظر حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أول أحاديث الباب برقم (٣٤١) , وانظر فتح الباري. كتاب الديات. باب (لا يُقتل المسلم بالكافر).

<<  <  ج: ص:  >  >>