وتعقّب: بأنّه لا دلالة فيه على بيع الثّمين بالحقير , وإن كان بعضهم قد استدل به على جواز بيع المطلق التّصرّف ماله بدون قيمته , ولو كان بما يتغابن بمثله إلَّا أنّ قوله " ولو بحبلٍ من شعر " لا يراد به ظاهره , وإنّما ذُكِر للمبالغة كما وقع في حديث " من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة " على أحد الأجوبة، لأنّ قدر المفحص لا يسع أن يكون مسجداً حقيقة، فلو وقع ذلك في عين مملوكة لمحجورٍ فلا يبيعها وليّه إلَّا بالقيمة.
ويحتمل: أن يطّرد , لأنّ عيب الزّنا تنقص به القيمة عند كلّ أحد , فيكون بيعها بالنّقصان بيعاً بثمن المثل , نبّه عليه القاضي عياض ومن تبعه.
وقال ابن العربيّ: المراد من الحديث الإسراع بالبيع وإمضاؤه ولا يتربّص به طلب الرّاغب في الزّيادة، وليس المراد بيعه بقيمة الحبل حقيقة.
وفيه أنّه يجب على البائع أن يعلم المشتري بعيب السّلعة , لأنّ قيمتها إنّما تنقص مع العلم بالعيب. حكاه ابن دقيق العيد، وتعقّبه: بأنّ العيب لو لَم يعلم له تنقص القيمة فلا يتوقّف على الإعلام.
واستشكل الأمر ببيع الرّقيق إذا زنى , مع أنّ كلّ مؤمن مأمور أن يرى لأخيه ما يرى لنفسه، ومن لازم البيع أن يوافق أخاه المؤمن على أن يقتني ما لا يرضى اقتناءه لنفسه.