وللبخاري (٢٨٩) عن أُبي بن كعب، أنه قال: يا رسول الله. إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل؟ قال: يغسل ما مس المرأة منه، ثم يتوضأ ويصلي. قال ابن حجر في " الفتح " (١/ ٤٥٩): قول أبي أيوب: (أنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال الدارقطني: هو وهم؛ لأن أبا أيوب إنما سمعه من أُبي بن كعب كما قال هشام بن عروة عن أبيه. قلت: الظاهر أنَّ أبا أيوب سمعه منهما لاختلاف السياق؛ لأنَّ في روايته عن أُبي بن كعب قصة ليست في روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنَّ أبا سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف - أكبر قدراً وسناً وعلماً من هشام بن عروة. وروايته عن عروة من باب رواية الأقران؛ لأنهما تابعيان فقيهان من طبقة واحدة , وكذلك رواية أبي أيوب عن أبي بن كعب؛ لأنهما فقيهان صحابيان كبيران , وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه الدارمي وابن ماجه. وقد حكى الأثرم عن أحمد: أنَّ حديث زيد بن خالد المذكور في هذا الباب معلولٌ؛ لأنه ثبت عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث , وقد حكى يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني , أنه شاذ. والجواب عن ذلك: أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحفظ رواته , وقد روى ابن عيينة أيضاً عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار نحو رواية أبي سلمة عن عطاء. أخرجه ابن أبي شيبة وغيره. فليس هو فرداً. وأما كونهم أفتوا بخلافه فلا يقدح ذلك في صحته لاحتمال أنه ثبت عندهم ناسخه فذهبوا إليه , وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية. انتهى