وحجّة الرّاجح: أنّه فعل في عهد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , ولَم يثبت نسخه والجلد في عهد الصّحابة فدلَّ على جوازه.
وحجّة الآخر: أنّ الشّافعيّ قال في " الأمّ ": لو أقام عليه الحدّ بالسّوط فمات وجبت الدّية , فسوّى بينه وبين ما إذا زاد , فدلَّ على أنّ الأصل الضّرب بغير السّوط، وصرّح أبو الطّيّب ومن تبعه بأنّه لا يجوز بالسّوط.
وصرّح القاضي حسين بتعيين السّوط , واحتجّ بأنّه إجماع الصّحابة. ونقل عن النّصّ في القضاء ما يوافقه.
ولكن في الاستدلال بإجماع الصّحابة نظرٌ.
فقد قال النّوويّ في " شرح مسلمٍ ": أجمعوا على الاكتفاء بالجريد والنّعال وأطراف الثّياب، ثمّ قال: والأصحّ جوازه بالسّوط، وشذّ مَن قال. هو شرطٌ , وهو غلطٌ منابذٌ للأحاديث الصّحيحة.
قلت: وتوسّط بعض المتأخّرين , فعيّن السّوط للمتمرّدين , وأطراف الثّياب والنّعال للضّعفاء , ومن عداهم بحسب ما يليق بهم. وهو متّجهٌ.
ونقل ابن دقيق العيد عن بعضهم: أنّ معنى قوله " نحواً من أربعين " تقدير أربعين ضربةً بعصاً مثلاً لا أنّ المراد عددٌ معيّنٌ، ولذلك وقع في بعض طرق عبد الرّحمن بن أزهر , أنّ أبا بكرٍ سأل من حضر ذلك الضّربَ , فقوّمه أربعين , فضرب أبو بكرٍ أربعين.
قال: وهذا عندي خلاف الظّاهر، ويبعده قوله في الرّواية الأخرى