الزّجر عن الحلف بغير الله، وإنّما خصّ في حديث عمر بالآباء لوروده على سببه المذكور، أو خصّ لكونه كان غالباً عليه لقوله في الرّواية الأخرى " وكانت قريشٌ تحلف بآبائها ". ويدلّ على التّعميم قوله " من كان حالفاً فلا يحلف إلَّا بالله ".
وأمّا ما ورد في القرآن من القسم بغير الله. ففيه جوابان:
أحدهما: أنّ فيه حذفاً , والتّقدير. وربّ الشّمس ونحوه.
الثّاني: أنّ ذلك يختصّ بالله , فإذا أراد تعظيم شيء من مخلوقاته أقسم به , وليس لغيره ذلك.
وأمّا ما وقع ممّا يخالف ذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابيّ: أفلح وأبيه إن صدق. ففيهم من طعن في صحّة هذه اللفظة.
قال ابن عبد البرّ: هذه اللفظة غير محفوظة , وقد جاءت عن راويها وهو إسماعيل بن جعفر بلفظ " أفلح والله إن صدق "
قال: وهذا أولى من رواية من روى عنه بلفظ " أفلح وأبيه " لأنّها لفظةٌ منكرةٌ تردّها الآثار الصّحاح. ولَم تقع في رواية مالك أصلاً (١).
(١) رواية مالك. أخرجها البخاري في " الصحيح " (٤٦) ومسلم (١١) عنه عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله، يقول: جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خمس صلوات في اليوم والليلة. فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا، إلَّا أنْ تَطَّوّع , والصوم والزكاة , فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفلح إنْ صدق. وأخرجه مسلم من رواية إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به. وفيه " أفلح وأبيه إن صدق "