وأمّا حديث عمّار. فورد بذكر الكفّين في الصّحيحين. وبذكر المرفقين في السّنن، وفي رواية إلى نصف الذّراع، وفي رواية إلى الآباط.
فأمّا رواية المرفقين وكذا نصف الذّراع. ففيهما مقال.
وأمّا رواية الآباط. فقال الشّافعيّ وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فكلّ تيمّم صحّ للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعده فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجّة فيما أمر به.
وممّا يقوّي رواية الصّحيحين في الاقتصار على الوجه والكفّين كون عمّار كان يفتي بعد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره , ولا سيّما الصّحابيّ المجتهد.
وإليه ذهب أحمد وإسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن خزيمة، ونقله ابن الجهم وغيره عن مالك، ونقله الخطّابيّ عن أصحاب الحديث.
وقال النّوويّ: رواه أبو ثور وغيره عن الشّافعيّ في القديم، وأنكر ذلك الماورديّ وغيره. قال: وهو إنكار مردود؛ لأنّ أبا ثور إمام ثقة.
قال: وهذا القول - وإن كان مرجوحاً - فهو القويّ في الدّليل. انتهى كلامه في شرح المهذّب.
وقال في شرح مسلم في الجواب عن هذا الحديث: إنّ المراد به بيان صورة الضّرب للتّعليم، وليس المراد به بيان جميع ما يحصل به التّيمّم.