للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاضر معها في المجلس وأذن لها أن تأخذ من ماله بغير إذنه قدر كفايتها كان في ذلك نوع قضاء على الغائب , فيحتاج من منعه أن يجيب عن هذا.

وقد انبنى على هذا خلاف يتفرّع منه.

وهو أنّ الأب إذا غاب أو امتنع من الإنفاق على ولده الصّغير , أذن القاضي للأمّ إذا كانت فيها أهليّة ذلك في الأخذ من مال الأب إن أمكن , أو في الاستقراض عليه والإنفاق على الصّغير.

وهل لها الاستقلال بذلك بغير إذن القاضي؟.

وجهان ينبنيان على الخلاف في قصّة هند، فإن كانت إفتاء جاز لها الأخذ بغير إذن، وإن كانت قضاء فلا يجوز إلَّا بإذن القاضي.

وممّا رجح به أنّه كان قضاء لا فتيا , التّعبير بصيغة الأمر حيث قال لها " خذي " ولو كان فتيا لقال مثلاً: لا حرج عليكِ إذا أخذت، ولأنّ الأغلب من تصرّفاته - صلى الله عليه وسلم - إنّما هو الحكم.

وممّا رجح به أنّه كان فتوى , وقوع الاستفهام في القصّة في قولها " هل عليّ جناح "؟ , ولأنّه فوّض تقدير الاستحقاق إليها، ولو كان قضاء لَم يفوّضه إلى المدّعي، ولأنّه لَم يستحلفها على ما ادّعته ولا كلفها البيّنة.

والجواب: أنّ في ترك تحليفها أو تكليفها البيّنة حجّة لمن أجاز للقاضي أن يحكم بعلمه , فكأنّه - صلى الله عليه وسلم - علم صدقها في كلّ ما ادّعت به.

وعن الاستفهام أنّه لا استحالة فيه من طالب الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>