للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك إلَّا ذلك " ولِمَا يخشى من قضاة السّوء أن يحكم أحدهم بما شاء , ويحيل على علمه.

واحتجّ من منع مطلقاً بالتّهمة.

واحتجّ من فصّل: بأنّ الذي علمه الحاكم قبل القضاء كان على طريق الشّهادة , فلو حكم به لحكم بشهادة نفسه فصار بمنزلة من قضى بدعواه على غيره، وأيضاً فيكون كالحاكم بشاهدٍ واحد، وأمّا في حال القضاء ففي حديث أمّ سلمة " فإنّما أقضي له على نحو ما أسمع " ولَم يفرّق بين سماعه من شاهد أو مدّعٍ.

وقال ابن المنير: لَم يتعرّض ابن بطّال لمقصود الباب، وذلك أنّ البخاريّ احتجّ لجواز الحكم بالعلم بقصّة هند، فكان ينبغي للشّارح أن يتعقّب ذلك بأن لا دليل فيه , لأنّه خرج مخرج الفتيا , وكلام المفتي يتنزّل على تقدير صحّة إنهاء المستفتي، فكأنّه قال: إن ثبت أنّه يمنعك حقّك جاز لك استيفاؤه مع الإمكان.

قال: وقد أجاب بعضهم بأنّ الأغلب من أحوال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الحكم والإلزام، فيجب تنزيل لفظه " عليه " لكن يردّ عليه أنّه - صلى الله عليه وسلم - ما ذكر في قصّة هند أنّه يعلم صدقها، بل ظاهر الأمر أنّه لَم يسمع هذه القصّة إلَّا منها , فكيف يصحّ الاستدلال به على حكم الحاكم بعلمه؟.

قلت: وما ادّعى نفيه بعيد، فإنّه لو لَم يعلم صدقها لَم يأمرها بالأخذ؛ واطّلاعه على صدقها ممكن بالوحي دون من سواه فلا بدّ من سبق علم.

<<  <  ج: ص:  >  >>