نعم: لو شهدت البيّنة مثلاً بخلاف ما يعلمه علماً حسّيّاً بمشاهدةٍ أو سماع، يقينيّاً أو ظنّيّاً راجحاً لَم يجز له أن يحكم بما قامت به البيّنة، ونقل بعضهم الاتّفاق , وإن وقع الاختلاف في القضاء بالعلم، كما تقدّم , تكون عند الحاكم في ولايته القضاء.
وفي الحديث أيضاً: موعظة الإمام الخصوم ليعتمدوا الحقّ والعمل بالنّظر الرّاجح وبناء الحكم عليه , وهو أمرٌ إجماعيّ للحاكم والمفتي، والله سبحانه وتعالى أعلم.
تكميل: بوّب عليه البخاري " القضاء في قليل المال وكثيره سواءٌ ".
قال ابن المنير: القضاء عامّ في كلّ شيء: قلَّ أو جلَّ لقوله فيه " فمن قضيت له بحقّ مسلم " , وهو يتناول القليل والكثير.
وكأنّه أشار بهذه التّرجمة إلى الرّدّ على مَن قال: إنّ للقاضي أن يستنيب بعض من يريد في بعض الأمور دون بعض، بحسب قوّة معرفته ونفاذ كلمته في ذلك , وهو منقول عن بعض المالكيّة.
أو على مَن قال: لا يجب اليمين إلَّا في قدر معيّن من المال، ولا تجب في الشّيء التّافه. أو على من كان من القضاة لا يتعاطى الحكم في الشّيء التّافه، بل إذا رفع إليه ردّه إلى نائبه مثلاً , قاله ابن المنير.
قال: وهو نوع من الكبر، والأوّل أليق بمراد البخاريّ.