قال ابن عبد البرّ: في هذا الحديث إباحة اتّخاذ الكلاب للصّيد والماشية، وكذلك الزّرع لأنّها زيادة حافظ، وكراهة اتّخاذها لغير ذلك، إلَّا أنّه يدخل في معنى الصّيد وغيره ممّا ذكر اتّخاذها لجلب المنافع ودفع المضارّ قياساً، فتمحض كراهة اتّخاذها لغير حاجة لِمَا فيه من ترويع النّاس وامتناع دخول الملائكة للبيت الذي هم فيه.
وفي قوله:" نقص من عمله " أي: من أجر عمله , ما يشير إلى أنّ اتّخاذها ليس بمحرّمٍ، لأنّ ما كان اتّخاذه محرّماً امتنع اتّخاذه على كلّ حال. سواء نقص الأجر أو لَم ينقص، فدلَّ ذلك على أنّ اتّخاذها مكروه لا حرام.
قال: ووجه الحديث عندي , أنّ المعاني المتعبّد بها في الكلاب من غسل الإناء سبعاً لا يكاد يقوم بها المكلف ولا يتحفّظ منها , فربّما دخل عليه باتّخاذها ما ينقص أجره من ذلك , ويُروى أنّ المنصور سأل عمرو بن عبيد. عن سبب هذا الحديث فلم يعرفه , فقال المنصور: لأنّه ينبح الضّيف، ويروّع السّائل. انتهى.
وما ادّعاه من عدم التّحريم , واستند له بما ذكره ليس بلازمٍ.
بل يحتمل: أن تكون العقوبة تقع بعدم التّوفيق للعمل بمقدار قيراط ممّا كان يعمله من الخير لو لَم يتّخذ الكلب.
ويحتمل: أن يكون الاتّخاذ حراماً.
والمراد بالنّقص: أنّ الإثم الحاصل باتّخاذه يوازي قدر قيراط أو قيراطين من أجر , فينقص من ثواب عمل المتّخذ قدر ما يترتّب عليه