وإنما قيّده الشارح بهذا الوجه لمجيئه من وجوهٍ أخرى صحاح بلفظ " لن ". منها ما جاء في البخاري (٥٤٩٥) من حديث ثابت البناني قال: سمعت ابن الزبير يخطب يقول: قال محمد - رضي الله عنه -: من لبس الحرير في الدنيا لن يلبسه في الآخرة. وأخرجه أيضاً (٥٤٩٤) من حديث أنس - رضي الله عنه - مثله. قال الحافظ في " الفتح ": قوله: (قال محمد - صلى الله عليه وسلم -) هذا من مرسل ابن الزبير، ومراسيل الصحابة محتجٌ بها عند جمهور من لا يحتج بالمراسيل، لأنهم إما أن يكون عند الواحد منهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن صحابي آخر، واحتمال كونها عن تابعي لوجود رواية بعض الصحابة عن بعض التابعين نادرٌ، لكن تبيَّن من الروايتين اللتين بعد هذه أنَّ ابنَ الزبير إنّما حمله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بواسطة عمر. ومع ذلك فلم أقف في شيء من الطرق المتفقة عن عمر أنه رواه بلفظ " لن " بل الحديث عنه في جميع الطرق بلفظ " لم " والله أعلم. وابن الزبير قد حفِظ من النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أحاديث، منها حديثه " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتتح الصلاة فرفع يديه " أخرجه أحمد. ومنها حديثه " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو هكذا. وعقد ابن الزبير " أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي. ومنها حديثه , أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن نبيذ الجر " أخرجه أحمد أيضاً. قوله: (لن يلبسه في الآخرة) كذا في جميع الطرق عن ثابت، وهو أوضح في النفي. انتهى قلت: وقول ابن حجر (لكن تبيَّن من الروايتين اللتين بعد هذه .. إلخ) يقصد حديث الباب. وكذا ما ذكره البخاري معلّقاً من طريق معاذة أخبرتني أم عمرو بنت عبد الله سمعت عبد الله بن الزبير سمع عمر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - .. نحوه. ووصله الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما. كما قال الشارح.