قال الزين بن المنير: نظَرَ أبو الزناد إلى الحيض فوجده مانعاً من هاتين العبادتين، وما سلبَ الأهليةَ استحال أن يتوجَّه به خطاب الاقتضاء، وما يمنع صحةَ الفعل يمنع الوجوب، فلذلك استبعد الفرق بين الصلاة والصوم فأحال بذلك على اتباع السنة والتعبد المحض.
وقد سألتْ معاذةُ عائشةَ عن الفرق المذكور , فأنكرت عليها عائشة السؤال وخشيت عليها أن تكون تلقَّنتْه من الخوارج الذين جرت عادتهم باعتراض السنن بآرائهم، ولم تزدها على الحوالة على النصِّ، وكأنها قالت لها: دعي السؤال عن العلة إلى ما هو أهم من معرفتها. وهو الانقياد إلى الشارع.
وقد تكلَّم بعض الفقهاء في الفرق المذكور، واعتمد كثيرٌ منهم على أنَّ الحكمة فيه أنَّ الصلاة تتكرر فيشق قضاؤها بخلاف الصوم الذي لا يقع في السنة إلَّا مرة. واختار إمام الحرمين أنَّ المتبع ذلك هو النصُّ , وأن كل شيء ذكروه من الفرق ضعيف. والله أعلم.
وزعم المهلَّب: أنَّ السبب في منع الحائض من الصوم أنَّ خروج الدم يُحدث ضعفاً في النفس غالباً فاستعمل هذا الغالب في جميع الأحوال، فلمَّا كان الضعف يبيح الفطر , ويوجب القضاء كان كذلك