عائشة وابن عباس وغيرهما: أعتم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - .. " (١) فتفيد إلى أنّ النّهي عن ذلك إنّما هو لإطلاق الاسم، لا لمنع تأخير هذه الصّلاة عن أوّل الوقت.
قال النّوويّ وغيره: يجمع بين النّهي عن تسميتها عتمة , وبين ما جاء من تسميتها عتمة بأمرين:
أحدهما: أنّه استعمل ذلك لبيان الجواز , وأنّ النّهي للتّنزيه لا للتّحريم.
الثّاني: بأنّه خاطب بالعتمة من لا يعرف العشاء لكونه أشهر عندهم من العشاء، فهو لقصد التّعريف لا لقصد التّسمية.
ويحتمل: أنّه استعمل لفظ العتمة في العشاء , لأنّه كان مشتهراً عندهم استعمال لفظ العشاء للمغرب، فلو قال: لو يعلمون ما في الصّبح والعشاء، لتوهّموا أنّها المغرب.
قلت: وهذا ضعيف , لأنّه قد ثبت في نفس هذا الحديث " لو يعلمون ما في الصّبح والعشاء " فالظّاهر أنّ التّعبير بالعشاء تارةً وبالعتمة تارةً من تصرّف الرّواة.
وقيل: إنّ النّهي عن تسمية العشاء عتمة نسخ الجواز.
وتعقّب: بأنّ نزول الآية كان قبل الحديث المذكور، وفي كلٍّ من القولين نظرٌ للاحتياج في مثل ذلك إلى التّاريخ، ولا بُعد في أنّ ذلك
(١) حديث ابن عباس - رضي الله عنه - متفق عليه , وسيأتي رقم (٥٦). وكذا اتفق الشيخان على حديث عائشة.