للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتمسّك بهذه الآية مَن قال: إنّ الوضوء أوّل ما فرض بالمدينة، فأمّا ما قبل ذلك. فنقل ابن عبد البرّ اتّفاق أهل السّير على أنّ غسل الجنابة إنّما فرض على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكّة كما فرضت الصّلاة، وأنّه لَم يصل قطّ إلاَّ بوضوءٍ.

قال: وهذا ممّا لا يجهله عالم.

وقال الحاكم في " المستدرك ": وأهل السّنّة بهم حاجة إلى دليل الرّدّ على من زعم أنّ الوضوء لَم يكن قبل نزول آية المائدة. ثمّ ساق حديث ابن عبّاس: دخلتْ فاطمة على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي , قالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاهدوا ليقتلوك. فقال: ائتوني بوضوءٍ. فتوضّأ .. الحديث (١).

قلت: وهذا يصلح ردّاً على من أنكر وجود الوضوء قبل الهجرة، لا على من أنكر وجوبه حينئذٍ.

وقد جزم ابن الجهم المالكيّ بأنّه كان قبل الهجرة مندوباً.

وجزم ابن حزم بأنّه لَم يشرع إلاَّ بالمدينة.

ورُدّ عليهما: بما أخرجه ابن لهيعة في " المغازي " التي يرويها عن أبي الأسود - يتيم عروة - عنه , أنّ جبريل علَّم النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الوضوء عند


(١) أخرجه أحمد في " المسند " (٢٧٦٢ - ٣٤٨٥) وابن حبان (٦٥٠٢) والحاكم في " المستدرك " (٢/ ٨٠) والضياء في " المختارة " (٤/ ١٦٠) وغيرهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنه -. مطوَّلاً. وقال الحاكم: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>