ولا يخفى ما بين التّقريرين من الفرق، وما ادّعاه من العرف ممنوع وكذا العنديّة، للفرق الذي أوضحه اليعمريّ من الإثبات والنّفي , لأنّ كاد إذا أثبتت نفتْ , وإذا نفت أثبتتْ. كما قال فيها المعرِّي ملغزاً: إذا نفيت والله أعلم أثبتت ... وإن أثبتت قامت مقام جحود
هذا إلى ما في تعبيره بلفظ كيدودةٍ من الثّقل , والله الهادي إلى الصّواب.
فإن قيل: الظّاهر أنّ عمر كان مع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. فكيف اختصّ بأن أدرك صلاة العصر قبل غروب الشّمس بخلاف بقيّة الصّحابة، والنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - معهم؟.
فالجواب: أنّه يحتمل أن يكون الشّغل وقع بالمشركين إلى قرب غروب الشّمس، وكان عمر حينئذٍ متوضّئاً فبادر فأوقع الصّلاة، ثمّ جاء إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فأعلمه بذلك في الحال التي كان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيها قد شرع يتهيّأ للصّلاة، ولهذا قام عند الإخبار هو وأصحابه إلى الوضوء.
وقد اختلف في سبب تأخير النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الصّلاة ذلك اليوم.
فقيل: كان ذلك نسياناً، واستبعد أن يقع ذلك من الجميع.
ويمكن أن يستدل له بما رواه أحمد من حديث أبي جمعة , أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى المغرب يوم الأحزاب، فلمّا سلم , قال: هل علِمَ رجلٌ منكم أنّي صليت العصر؟ قالوا: لا يا رسولَ الله، فصلَّى العصر ثمّ صلَّى المغرب.
وفي صحّة هذا الحديث نظرٌ، لأنّه مخالف لِمَا في الصّحيحين من